العمران في سوريا

مشاركة:

جغرافية العمران سوريا مراكز العمران في سوريا المراكز العمرانية في سوريا المدن في سوريا التمدن بدو سوريا التخطيط العمراني في سوريا عمران سوريا

العمران في سرويا

 

مراكز العمران:

 كانت مناطق التكاثف السكاني في سورية محصورة بالمناطق الخصبة، أي على مقربة من الأنهار والأودية والينابيع والآبار والمناطق الصالحة للزراعة، وهنا برزت أغلب التجمعات السكانية التي عرفت الاستقرار اعتماداً على الزراعة والتجارة والنقل في "المعمورة السورية". وقد ساعد انتشار طرق المواصلات الحديثة، واكتشاف مصادر أخرى للدخل غير الزراعة(كالنفط)، على ظهور بؤر أخرى للاستقرار في مناطق كانت تقع خارج المعمورة، كما ساعدت التقنية الحديثة على استخراج المياه الباطنية العميقة للشرب والري في البقاع التي ضمت حديثاً إلى مناطق الاستثمار الزراعي (مثل سهول سلمية الشرقية والجزيرة وحوران). بلغ عدد المراكز العمرانية عام 1945 (6409) لعدد من السكان قدره (3049815) أي بمعدل مركز عمراني لكل (28 كم2)، وفي عام 1970 بلغ عدد المراكز العمرانية (13214) مركز، لعدد من السكان 6303000 نسمة، أي بمعدل مركز عمراني واحد لمساحة (14 كم2)، وفي سنة 1981 بلغ عدد المراكز العمرانية (14477) مركزاً لعدد من السكان قدره (9313000) أي مركز عمراني لكل (13 كم2)، وبلغ عدد المراكز العمرانية عام 2011(14011 مركز)، منها 141 مدينة و323 بلدة و6263 قرية و7287 مزرعة.

 

 بلغ متوسط عدد سكان المركز العمراني الريفي (القرى والمزارع) عام 2011(1536 نسمة)، مقابل 336 نسمة عام .1981 إن أقل متوسط لعدد سكان المركز العمراني الريفي هو في القنيطرة (225 نسمة) للمركز الواحد، والحسكة (341 نسمة) والرقة (375 نسمة)، ويرجع ذلك إلى كون محافظة القنيطرة حديثة الإعمار نسبياً بعد حرب 1973 وعودة بعض السكان للعيش فيها، أما الرقة والحسكة فيرجع ذلك إلى كثرة عدد القرى والمزارع في المحافظتين علماً أن عدد القرى والمزارع في الحسكة تناقص من (3370) عام 1981, إلى (2801) عام 2011. كما يعود ذلك إلى ارتفاع عدد المراكز العمرانيـــــة في مساحات واسعة التي أعيـــــد إعمارها في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشــــرين بعد إهمال طويل في القرون الماضيـــة. هـــــذا ويبنى المركز العمراني في وسط رقعـــة زراعية صغيرة المساحة أو بجانبها، تتراوح مساحتها(500م2) في الأراضي المروية الخصبة، و(30 هــكتار) في مناطق الحبـــــوب البعلية، وقد تصل حتى (300هــ) في المناطق الاكثـــــر جفافاً، التي تعتمد على تربية الأغنام مثلاً. وفي بعض المناطق شبه الجافة تصل مساحة الأرض التابعة للمركز العمــــراني حتى 1000 هـ بالنسبة للقرى الصغيرة، و1000-5000 هــ للقرى المتوسطة والكبيرة، ويبقى المركز العمراني من عداد القرى والمزارع مادام محتفظاً بعدد غير كبير من البيوت التي لها المظهر الريفي ومادامت الوظائف غير الزراعية غير نامية، ولكن قد نجد في القرى أبنية غير سكنية ولأغراض غير زراعية (معمل بلوك صغير مثلاً)، ولكن بشكل عام تبقى الزراعة النشاط الأبرز. كما تبرز أنواع أخرى من المدن الصغيــــرة ذات المسحة الريفية، وذلك عندما تزداد البيوت ويتنوع النشاط الاقتصادي.

 

لقد تعددت تعاريف المدينة إلا أنها على العموم تجمع بشري كبير ذو فعاليات اقتصادية متنوعة، متصل البنيان تتكاثف أبنيته باتجاه المركز النابض بالحركة، الذي تنشط به مجموعة من المرافق والخدمات، وغالباً ما يغلب نوع من الوظائف على الوظائف الاخرى في المدينة، فيمكن التحدث حينها عن " مدينة الاصطياف " مثل سلمى بريف اللاذقية، و" مدينة المرفأ " كجبلة، أو " محطة النفط " كمدينة رميلان بالحسكة. وحسب التقسيمات الإدارية فإن المدينة في سورية هي إما مركز المحافظة، أو مركز المنطقة "بغض النظر عن عدد السكان ", أو كل تجمع بشري فوق 20000 نسمة. 2- المراكز والتقسيمات الإداريــــــة: صدر السجل الأول المطبوع للتقسيمات الإدارية بسورية في 31/12/1952 عن مديرية الإحصاء بوزارة الاقتصاد، وقد قسمت " الجمهــــــورية السورية " حينها إلى مدينة ممتازة "هي مدينة دمشق الممتازة " وتسع محافظات و30 قضاء و91 ناحية، و5477 مدينة وقرية، و3717 دسكرة " مزرعة ", وهذه المحافظات هي (محافظة مدينة دمشق الممتازة - دمشق – حوران – السويداء – حمص –حماه- اللاذقية – الفرات – حلب – الجزيرة). وصدرت في الخمسينيات نصوص قانونية قضت بإجراء تصحيحات وتعديلات في التقسيمات الإدارية وحدودها، فأحدثت وحدات إدارية واستعملت تسميات جديدة، مثل استبدال كلمة القضاء بالمنطقة، واستبدال رئيس القضاء " القائم مقام " بــ " مدير المنطقة ", وأضحت " الجمهورية العربية السورية " تحوي عام 1983, 14 محافظة و53 منطقة و179 ناحية تضم 63 مدينة و183 بلدة و6485 قرية و7746 مزرعة، وعام 2011 أصبحت البلاد تحوي 14 محافظة و69 منطقة و295ناحية، تضم 141 مدينة و323 بلدة و6263 قرية و7287 مزرعة. وتقسم المحافظات إلى مناطق والمناطق إلى نواحي والتي بدورها تقسم إلى قرى، وتكون مراكز المحافظات في المدن التي سميت المحافظات بأسمائها وتكون مراكز المناطق في المدن التي سميت المناطق بأسمائها، ويمكن ملاحظة ما يلي من الجدول 11: - تكون مدينة دمشق محافظة مستقلة تسمى محافظة دمشق. - هناك بعض القرى ترتبط مباشرة بمركز المحافظة دون ان ترتبط بمركز الناحية او المنطقة وتسمى في هذه الحالة قرى مركز المحافظة. - في كثير من المحافظات ترتبط بعض النواحي مباشرةً بمركز المحافظة دون أن ترتبط بمركز المنطقة.

 

 أما مدلولات التقسيمات الإدارية فهي كالتالي "مع التعديل ": - المدينة: هي كل مركز محافظة أو مركز منطقة، أو كل تجمع سكاني يزيد على 20000 نسمة، ويمكن أن نضيف إلى ذلك كل تجمع بشري سياحي مثل معلولا على الرغم من أن سكانها لا يتجاوز (5000 نسمة). - البلدة: هي كل مركز ناحية أو كل تجمع سكاني يزيد سكانه على 10000 نسمة ويقل عن 20000. - الحـــــي: قطاع من المدينة أو البلدة لا يقل عدد سكانه عن 5000 نسمة. - القرية: كل تجمع سكاني عدد سكانه بين (500-10000 نسمة). - الوحدة الريفية: مجموع القرى والمزارع التي تشكل مجتمعة وحدة إدارية على ألا يقل سكانها عن 5000 نسمة. - المزرعة: تجمع سكاني يقل عن 500 نسمة ويمكن ان تلحق المزرعة بإحدى القرى القريبة. ويمكن أن نضيف إلى ما سبق أن القرى التي يزيد سكانها عن 3000 يصبح فيها بلدية، والتي تزيد عن 5000 وتقل عن 10000 يصبح فيها مجلس قرية. وجاء في قانون الوحدات الإدارية، أن للمحافظة والمدينة والبلدة والوحدة الريفية الشخصية الاعتبارية، كما تكون للقرية هذه الشخصية الاعتبارية إذا تجاوز سكانها 5000 نسمة، وليس للمنطقة والناحية والحي الشخصية الاعتبارية.

 

تسميات المراكز العمرانية:

 

 تغلب في سورية التسميات المفردة على التسميات المركبة, وإن عدداً كبيراً من المراكز وخاصة الريفية تقتبس أسماءها من الشروط المحيطة بها سواء طبيعية أو بشرية, مثل: تل أبيض – وادي العيون – أم حجار – الصفصافة – تلبيسة – جب الجراح – الزعفرانة –غزلانية..., كما تدخل في بعضها معاني اجتماعية كأن تنسب المراكز العمرانية إلى جماعات أو اشخاص مثل الملوك والأمراء وملاك الأراضي ورؤساء العشائر...مثل: حمام التركمان – الثابتية –جديدة حزور – المالكية –الجركسية– جديد بقارة – عرب الملك جركس– معرة النعمان..., وفي كثير من الأحيان تكون أسماء المراكز وصف لمظاهر المراكز العمرانية مثل: الحصن – الحكر – الدار الكبيرة – القصير – الشارة – رسم الطويل...., كما ترجع كثير من أسماء المراكز العمرانية إلى أصول لغوية قديمة, مثل عمريت بالكنعانية (المعمورة) – بلوزة بالآرامية الكنعانية(بيت لوزة) – كفر بطنا (الجنين) –عرقايا بالآرامية السريانية (جذع الشجرة) – الحولة (الطين الأسود) – معربو باللاتينية (المغرب) – بانياس باليونانية اللاتينية (الحمامات). كما أن هناك العديد من أسماء القرى ذوات أصول عثمانية، مثل بوزلييج (الغزالة) –قردلا (الوادي الجاف) –الدادات (المشايخ) – بوز هيوك (التل الرمادي). هذا ولم تعد بعض هذه التسميات مقبولة هذه الأيام بسبب قبحها أو تكرارها في مناطق كثيرة أو في منطقة واحدة, لهذا اضطرت الدولة إلى تغيير كثير من أسماء القرى والمدن بأسماء جديدة قد تكون المعنى العربي للاسم القديم, أو تكون اسماً جديداً بالمرة, مثل قرار وزارة الداخلية 619 بتاريخ 1/1/1952 بتغيير اسم قرية بيل مغار إلى ظهر المغارة, وقرية صابونجي إلى الصابونية, وقرية قره كوز إلى العين السوداء, وقرية ملا يعقوب إلى الشيخ يعقوب, والقرار 734 تاريخ 14/12/1952 بتغيير اسم قرية صرمان إلى العدنانية, وقرية مومسية إلى الغسانية, وقرار 748 تاريخ 22/12/1952 بتغيير اسم قرية قلدون إلى المراح, وقرية بخعة إلى الصرخة, ومعرة الباش إلى رأس المعرة, وقرية الكوبري إلى الجســــر, والمرسوم 346 بتاريخ 24/3/1957 بتغيير اسم مدينة ديريك إلى المالكية, والقرار 747 تاريخ 26/7/1975 بتغيير اسماء قرىكنكارو بالكرامة وبحزيت بالحرية واللويدقية باللوزية وحربوق بالربوة وبريعين بالبراعم وبنجارو بالروضة وبتغرامو بالنزهة, والقرار رقم 941 ن بتاريخ 19/7/1977 بتغيير اسم قرية الكوكعي باسم جارة الوادي, والقرار 199 ن تاريخ 23/10/1982 بتغيير اسم حمرة جماسة بالحرية وفاطسة بيرم بالبيدر وخس دعكور شبلي بمسعدة وبوز الخنزير ببوز الطير وحمام التركمان بتل حمام ورجم الجحش برجم الغزالة ومزرعة البغل بواسط. 1- مراكز العمران الريفــــية: يمثل سكان الريف 44,8% من سكان سورية عام 2011.

 

إن إنشاء المراكز العمرانية الريفية يأخذ الحسبان طبوغرافية المنطقة، وكذلك المحيط المجاور لها، وبشكل عام تقع القرى السورية متقاربة أو متباعدة، متراصة او متباعدة البيوت، في الأودية النهرية وعلى جوانبهاو وفي الهضاب الداخلية القليلة الارتفاعوعلى السفوح الجبليةالوسطى والدنيا للجبال الغربية، مواجهة لأشعة الشمس وعلى مقربة من الأرض الزراعية. وغالباً ما تقوم القرى وسط سهولها الزراعية, أو على مقربة منها لتوفير احتياطي من الأراضي للتوسع المقبل, وتصنف أراضي القرى تبعاً للشروط الطبيعية السائدة وأكثرها وضوحاً ذلك التصنيف الذي يتبع المعيار المائي, فهناك قرى غربية تتلقى كميات وافرة من المطر, أراضيها الإجمالية صغيرة, دون 500 هكتار, وكثافة سكانها كبيرة (2-10 نسمة للهكتار), بينما هناك قرى داخلية ذات شروط مطرية مناسبة للزراعة البعلية, أراضيها الإجمالية كبيرة (500-1000 هكتار), وكثافة سكانها أقل (دون 2 ن/هــ), وتوجد قرى داخلية ذات شروط مطرية شحيحة وأراضيها الإجمالية واسعة(تصل إلى 2500 هــ), وهكذا فإن مساحات الأراضي الإجمالية للقرى السورية تتناسب عكساً مع عدد سكانها. وتضم الحدود الإجمالية للقرى أراضي موضوعة فعلاً في خدمة الزراعة ومساحات أخرى غير صالحة للزراعة لكنها مفيدة في الرعي وهي مثبتة في المخططات المساحية, وتقسم أراضي القرية الإجمالية إلى قطاعات واسعة تتوزع حول الأرض المبينة, وغالباً ما تكون حدود هذه القطاعات هي الطرق الداخلة والخارجة من القرية, وهذه القطاعات تتوزع في عدد من المقاسم الزراعية المختلفة التي تحدد مساحتها طبيعة ملكية الأرض وطرق استثمارها ونوع المحاصيل المزروعة, وهي تختلف في أشكالها باختلاف الأرض والملكيــــــة والاستثمار الزراعي(شكل 28 و29), ففي السهول الكبرى ذات الزراعة البعلية تظهر الأشكال الطويلة الأضلاع.

 

 بينما تشاهد في السهول والغوطات المروية الأشكال الصغيرة القريبة من المربعة كما تظهر أشكال أخرى بين الشكلين السابقين حيث نرى في مناطق الاستقرار الزراعي الحديث (مثل جنوب وادي الرد بالحسكة شكل 28) مساحات واسعة من الأراضي وتأخذ شكل منتظم (مربعات). لا تزال الصورة القديمة لتوزع المراكز العمرانية الريفية بادية في المناطق الريفية النائية، بينما أثبتت المراكز العمرانية في المناطق الأخرى قدرة كبيرة على التطور السريع مع انتشار الخدمات والمرافق العامة والطرق، وذلك بإنشاء مزارع ومداجن أو ببناء بيوت جديدة على أطراف القرى، وتبقى ملامح التطور هذه على العموم في الجزء الغربي والشمالي من القطر، في مقابل انحسار العمران عن مناطق واسعة على حواف البادية بسبب انخفاض مستوى الماء الباطني، كما ريف شرق السلمية وحمص. ولا تزال تنتشر في سورية نمط القرى المتكتلة البيوت، ولذلك لتجمع البيوت حول مصدر الماء (نبع – بئر – بركة) وللشعور بالأمن، لكن هذا النمط قليل الانتشار اليوم بسبب توافر خدمات شبكات المياه العذبة وتوافر الأمن. ولاتزال تنتشر في المناطق القديمة الإعمار في كل من حلب وشمال حماه وحمص وغوطة دمشق القرى الكبيرة المتجمعة البيوت التي يزيد سكانها على (3000 نسمة) والمتقاربة والتي تشكل مناطق ذات كثافة عالية، كما تنتشر في المناطق الأحدث إعماراً في شرق حمص وحماه وحلب – بسبب الظروف الزراعية المحدودة – القرى الصغيرة (التي يندر أن تزيد على 1000 نسمة)، ومع انتشار المضخات الآلية جرى التوسع الزراعي في هوامش البادية كما في جنوب الرد في منتصف القرن العشرين وفي مناطق جنوب جبل عبد العزيز.

 

 تنتشر القرى الصغيرة في المناطق الجبلية الغربية والتي تقوم على مسافات متقاربة (الشكل 30) ولا تفصل بينها سوى عوائق تضاريسية، كما ساعد إنشاء الطرق على حدوث تغييرات جوهرية في الأرياف، وبنيت أبنية شبيهة بأبنية المدن وأخذت كثير من القرى المظهر المدني كما وضعت لكثير منها مخططات تنظيمية وشقت فيها الشوارع والساحات الواسعة. - البيت الريفي التقليدي: يتأقلم البيت الريفي التقليدي مع الطبيعة والبيئة الاجتماعية, حيث ترى الجدران السميكة من الحجارة البازلتية السوداء, في جبل العرب ووعر حمص وحوران وجبل الحلو, أو الحجارة الكلسية البيضاء في المناطق الجبلية (الشكل 31), أو من الحجارة والطين, أو من اللِبن " المصنوع من الطين المجفف بالشمس " كما في غوطة دمشق, وتكون سقوف البيوت إما من الطين ويكون السقف مستوياً مستنداً على جذوع الأشجار أو القصب والعشب, والقليل منها يستند على قناطر وعقود حجرية (كما في بيوت ملاك الأراضي والأغنياء..), والكثير منها يستند على جذوع الحور كما في غوطة دمشق ووادي العاصي ووادي الفرات, كما تكثر السقوف المائلة بميل او بميلين في المناطق التي يكثر بها القصب والنباتات, قوامها أعشاب ودعائم خشبية كسقوف بيوت الغاب قبل تجفيفه(الطامات), كما تنتشر في بعض القرى التي تأثر سكانها بأنماط البناء في دول شمالية مجاورة قدموا منها كأرمينيا والقوقاز, سقوف بميلين أو ميل واحد, مادة بنائها من القرميد الأحمـــــر, ومن المشــــاهد المألوفة في سورية, السقوف القبابية الطينية كما في الجزء الأوسط من وادي العاصي وسهول حلب وشرق ادلب, حيث تكثر القباب الشبيهة بالمخروط وتقل القباب نصف الكروية والمقطوعة.

 

التمــــــدن

 

 لقد ازدادت نسبة سكان المدن في سورية بشكل كبير نتيجة الزيادة الطبيعية والهجرة من الريف، حتى بلغت 56,2% عام 2010, وبلغ عدد سكان المدن عام 2011(11297000 نسمة) موزعين على 141 مدينة، والمدينة في سورية هي كل مركز محافظة أو مركز منطقة أو كل تجمع سكاني يزيد على 20000 نسمة، ويجوز لأسباب اقتصادية أو سياحية اصدار مرسوم باعتبار أي مركز بشري بحكم المدينة، أو قرية بحكم البلدة دون النظر لعدد السكان (مثل البصيرة – صيدنايا)، والجدول25 يبين مدن سورية. تعتبر المدن الأربع الداخلية الرئيسية (دمشق – حلب – حمص – حماه), فقرات أساسية في العمود الفقري للقطر, الذي يستند عليه النشاط الاقتصادي من جانبين (الساحل والجبال الغربية من جهة والسهول والهضاب الداخلية من جهة أخرى), في مدى يتراوح بين 50 -200 كم, وقد لعبت هذه المدن دورها كمراكز اقتصادية رئيسية على طرق تجارية هامة تعد فرعاً من الطرق التجارية العالمية الممتدة بين البحر المتوسط وبلاد الهند والصين, وقد ساهم مد السكك الحديدية والطرق في زيادة أهمية هذه المدن, كما أنها كانت محطات رئيسية على طريق الحج, وساهم موقعها بين البادية والمعمورة في أنها أصبحت مراكز هامة لتموين البدو وتبادل المنتجات بينهم وبين أهل المعمورة(الريف والحضر) وثلاثة من هذه المدن يتجاوز سكانها المليون(دمشق وحلب وحمص), وحماه فوق 500000 نسمة.

 

كما ينسحب هذا الدور بصورة أقل على المدن الأصغر الواقعة بين هذه المدن (كالسلمية والمعرة وخان شيخون ودرعا ومصياف) التي يتجاوز سكان كل منها (50000 نسمة). كما برزت في سورية منطقة أخرى تؤدي ذات الأغراض المذكورة، محورها وادي الفرات، فبين عامي 1854 و1955 تقريباً نشأت مراكز جديدة، كمدينة دير الزور التي أخذت دورها عندما اعتمدها العثمانيون مركزاً لمراقبة تحركات البدو وحماية طريق وادي الفرات، وازدادت أهميـــــة المدينة بعد عام 1950 نتيجة ازدهار زراعة القــطن. تتميز المدن السورية بظاهرة الأسواق التجارية التقليدية، التي تعد قلب المدينة النابض، حيث تتوضع أسواق المهن الحرة مثل سوق الصاغة والحدادين والكندرجية والنحاسين والعبي والفرواتية ..., إلى جانب أسواق المواد الغذائية، وتختلف هذه الأسواق في المظاهر المعمارية من إسلامية وتأثيرات إغريقية ورومانية وفارسية وبيزنطية، وقد تكون مسقوفة بقناطر وعقود.

 

 وتحيط بهذه الأسواق القديمة الأسواق التجارية الحديثة، والتي انتشرت بشكل خاص بعد النصف الثاني من القرن العشرين، والمبنية على الطراز الغربي من ناحية الأبواب والوجهات الزجاجية، والتي تجاورها المقاهي ودور السينما ومكاتب السياحة والفنادق والمطاعم المتنوعة، وتتخذ هذه الأسواق موقعها على أطراف المدينة القديمة ملازمة لرؤوس شوارع جديدة. تتميز المدن السورية الكبرى بوجود الأحياء القديمة داخل أسوارها وعلى أطراف هذه الأسوار، وتكون شوارعها ضيقة ملتوية قد تنتهي بنهاية مسدودة، ومع التطور الذي شهدته المدن السورية واقتران هذا التطور مع هجرة بعض الأسر من الاحياء القديمة إلى احياء جديدة أخذت في الاتساع على أطراف المدن بمخططات تنظيمية حديثة، وأخذ البناء يمتد في جميع الاتجاهات وضمت القرى القريبة من المدن إليها وأصبحت من أحيائها (مدينة حمص ضمت إليها قرى دير بعلبة وبابا عمرو..).

 

 أدى اتساع المدن إلى الحاجة إلى تخطيطها وتنظيمها، وهذا ما برز بشكل واضح منذ ثلاثينيات القرن الماضـــــي، وذلك بإشراف رسمي مباشر من الدولة وبالاستعانة بالخبرات الأجنبية، حيث بدأت تظهر كتل البناء الموزعة نظامياً، والمحددة بطرقات وشوارع مستقيمة ومتعامدة، ملتقية في ساحات مربعة ودائرية (كالمخطط التنظيمي الأول لدمشق عام 1936 للمعماريين الفرنسيين دانجيهوايكوشار). وأخذت مخططات المدن تبدي تبايناً كبيراً بين الأجزاء القديمة والحديثة، وبات بالإمكان إجراء تصانيف جديدة لتوزع كتل البناء والأحياء وتوزع السكان، وساعدت المخططات الجديدة بإدخال حلول جديدة للتخفيف من الضغوط السكانية المستجدة في المدن الكبرى. أما المدن الأصغر فتتصف مخططاتها بالبساطة فمنها ما يكون مخططها شريطياً متطاولاً على محاور الطرق أو الأنهار (الشكل 32)، أو حلقياً محيطاً بمحور المدينة ووسطها (الشكل 33)، أو يكون شطرنجياًشبكياً تتقاطع شوارعه بزوايا قائمة (الشكل 34).

 

بــــــــــدو سورية:

 

ينقسم البدو في سورية إلى الرحل وشبه المستقرين أو انصاف البدو. - البدو الرحل(الجمالة): وهم الذين يتخذون بيوت الشعر مأوى لهم والإبل لتنقلاتهم ومعاشهم، وهم أصحاب النجعة(التنقلات) الطويلة التي قد تصل حتى 600-1000 كم، يقطعون الحدود الأردنية والعراقية وقد يبلغون السعودية، ومنهم الرولة والأشاجعة والسوالمة، ومع ظهور المواصلات الحديثة فقد اتجه قسم كبير منهم نحو تربية الأغنام.. - البدو الغنامة: نجعتهم قصيرة لا تتجاوز 400كم، وهم نصف رحل، ويسمون أيضاً عربان الديرة، ويسمون في نواحي دير الزور " شوايا " بحكم تربيتهم للشياه، وقد يشاركون أهل المدن في تربية الاغنام التي تكون ملكاً لأهل المدن يقوم البدو بتربيتها، وهم يشرقون نحو البادية في الخريف ويعودون إلى اعمال الحصاد والزرع في الربيع، ومنهم عشائر حرب والفضل والنعيم والعقيدات. - البدو المتحضرون: وهم يسكنون على أطراف البادية وبعض مناطق الريف(المعمورة) مثل جبل الحص والمتخ وقنسرين وقرى منبج وجرابلس والبابوالغاب والروج وشرق المعرة وحمص وحماه. هذا ويصعب عد البدو اليوم لتحول كثير منهم للاستقرار، وقد كان هناك 40 عشيرة رئيسية و195 فرقة و438 فخذاً، وكان عددهم نحو 200000 نسمة قبل 1980, والشكل (35) يبين توزع عشائر البدو في سورية.

 

تعليقات

الاسم

الاساليب الكمية فى الجغرافيا,2,الإستشعار عن بُعد,1,البيئة,1,التخطيط العمراني,1,الجغرافيا الاقتصادية,1,الجغرافيا الإقليمية,3,الجغرافيا البشرية,9,الجغرافيا التاريخية,2,الجغرافيا الحيوية,1,الجغرافيا السياسية,3,الجغرافيا الطبيعية,36,الجغرافيا العامة,1,الجغرافيا المناخية,16,الجيومورفولوجيا,18,الخرائط,39,الطبوغرافيا,1,المساحة,8,المساحة التصويرية,1,المساحة المستوية,3,تصميم الخرائط,4,جغرافيا افريقيا,1,جغرافية العالم الإسلامي,1,جغرافية العالم العربي,3,جغرافية القارات,1,خرائط التوزيعات البشرية,2,خرائط الطقس والمناخ,9,كتب,52,نُظم المعلومات الجغرافية,5,AutoCAD,1,GPS,1,
rtl
item
المعرفة الجغرافية | كتب ومقالات في جميع فروع الجغرافيا: العمران في سوريا
العمران في سوريا
جغرافية العمران سوريا مراكز العمران في سوريا المراكز العمرانية في سوريا المدن في سوريا التمدن بدو سوريا التخطيط العمراني في سوريا عمران سوريا
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhXW8M0Cp18ElGjT27M5LBo52bhiZ08WzZjynge9VzqJORT3kTe3XLPt8amEUuyacauiV24PCXJw-gZOktJkpOGfSY-hMMy6VTH4Futp6BZeGy_IhQG9KFgBQMiaP2FO2YZeFePRO4ZCMf1hM-tzPPUBzGdHhDOo9rYGyYlq5IBlBFs6Q0WsnX6fLCN/w640-h360/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7.webp
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhXW8M0Cp18ElGjT27M5LBo52bhiZ08WzZjynge9VzqJORT3kTe3XLPt8amEUuyacauiV24PCXJw-gZOktJkpOGfSY-hMMy6VTH4Futp6BZeGy_IhQG9KFgBQMiaP2FO2YZeFePRO4ZCMf1hM-tzPPUBzGdHhDOo9rYGyYlq5IBlBFs6Q0WsnX6fLCN/s72-w640-c-h360/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7.webp
المعرفة الجغرافية | كتب ومقالات في جميع فروع الجغرافيا
https://www.geographyknowledge.com/2022/05/blog-post_3.html
https://www.geographyknowledge.com/
https://www.geographyknowledge.com/
https://www.geographyknowledge.com/2022/05/blog-post_3.html
true
7639022694122014491
UTF-8
تم تحميل كل المواضيع لا يوجد إي موضوع. مشاهدة الجميع قراءة المزيد رد إلغاء الرد حذف بواسطة الرئيسية صفحات موضوع مشاهجة الجميع مواضيع متعلقة تصنيف أرشيف بحث كل المواضيع لا يوجد أي موضوع مطابق مع بحثك. العودة إلى الرئيسية الإحد الاثنين الثلاثاء الاربعاء الخميس الجمعة السبت أحد أثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس أبريل مايو يونيو يوليو أغسطس سبتمبر أكتوبر نوفمبر ديسمبر يناير فبراير مارس أبريل مايو يونيو يوليو أغسطس سبتمبر أكتوبر نوفمبر ديسمبر آلان 1 مذ دقيقة $$1$$ minutes ago 1 منذ ساعة $$1$$ hours ago أمس $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago منذ أكثر من خمسة أسابيع متابعين تابع THIS CONTENT IS PREMIUM Please share to unlock Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy